
كتبت: مريم ايمن
شهد المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، نيابة عن دولة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، احتفال السفارة الألمانية بالقاهرة باليوم الوطني لدولة ألمانيا الاتحادية، اليوم الثلاثاء 30 سبتمبر 2025، بمقر السفارة الألمانية بالزمالك
وقال المستشار محمود فوزي، وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، إن حضوره اليوم لتقديم التهنئة نيابة عن الحكومة المصرية، يأتي في إطار العلاقات المصرية الألمانية الممتدة عبر التاريخ، والتي تميزت خلال السنوات العشر الأخيرة في عهد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، صاغتها سياسات تقارب وتبادل تنسيق وتعاون، مع كبرى دول العالم بشكل عام، ودولة ألمانيا على وجه الخصوص، بما يصب في صالح السلام الدولي والإقليمي، والحفاظ على سلامة ومقدرات الشعوب، وتقاربها في شتى المجالات، والانفتاح على التجارب والاستفادة منها، وتعزيز التعاون الثقافي، والاقتصادي، والعسكري، والسياحي، والتعليمي، والتنسيق الكامل في الملفات المختلفة، بالشكل الذي يعكس حجم وقوة مصر، واعتماد المجتمع الدولي عليها في أهم الملفات وأكثرها حساسية وتعقيدًا، بفضل قيادة سياسية وضعت البلاد موضع قوة، وجعلتها لاعبًا رئيسيًا في أهم القضايا الإقليمية.
وإلى نص كلمة السيد الوزير
سعادة السفير / يورجن شولتس سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية
السيدات والسادة،
الأصدقاء الأعزاء،
يسعدني أن أتواجد بينكم اليوم في هذه المناسبة الخاصة التي نحتفل فيها بيوم الوحدة الألمانية. هذا اليوم لا يمثل مجرد ذكرى وطنية للشعب الألماني، وإنما صار رمزاً إنسانياً ملهمًا لكل الشعوب التي تؤمن أن الأمل قادر أن يتغلب على أي انقسام، وأن المستقبل يمكن أن يحمل في طياته دائماً فرصة جديدة للتقارب والتلاقي.
حين نتأمل تجربة الوحدة الألمانية، نرى فيها قصة إنسانية قبل أن تكون قصة سياسية؛ ملايين البشر عاشوا لسنوات طويلة يفصل فيما بينهم جدران وساتر فولاذي قاتم، لكنهم احتفظوا بالأمل، وتمسكوا بالحلم بأن يجتمعوا من جديد. وفي لحظة فارقة من التاريخ، تحوّل الحلم إلى حقيقة، تُعلّمنا أن الإرادة الإنسانية أقوى من كافة الحواجز، وأن ما يجمع الناس دائماً أكبر مما يفرقهم.
الأصدقاء الأعزاء،
إن العلاقات بين مصر وألمانيا علاقات قديمة ومتنوعة، وليست قاصرة على المجالات السياسية أو الاقتصادية، بل تمتد وتتشعب إلى مجالات متنوعة مثل التعليم والثقافة والفنون. فكثيرُ من طلابنا وأبنائنا درسوا في ألمانيا، وعادوا بخبرات أثْرت حياتهم وأسهمت في خدمة بلدهم. وفي المقابل، يزور مصر أعداد ضخمة من المواطنين الألمان كل عام للسياحة أو للعمل أو الدراسة، فيصبحون جسراً حيّاً للتواصل بين شعبينا.
ولقد لعبت الثقافة على وجه الخصوص دوراً كبيراً في هذا التقارب بين الشعبين؛ فكم مرة استمتع المصريون بالموسيقى الألمانية التي أصبحت جزءاً من التراث الإنساني كله، وكم مرة تأثر الألمان بالحضارة المصرية التي ما زالت تبهر العالم منذ آلاف السنين. فالفن، والأدب، والموسيقى لغات لا تحتاج إلى ترجمة، لأنها تعبر مباشرة إلى القلب والعقل، وتُذكرنا دائماً بأن الاختلافات اللغوية والثقافية بين الشعوب لا تلغي إنسانيتنا المشتركة.
وكما تُعانق كاتدرائية كولونيا الشامخة عنان السماء ببهاء أبراجها المهيبة، شاهدةً على قرونٍ من الإيمان والفن والإبداع والعمران في جمهورية ألمانيا الاتحادية، تقف أهرامات الجيزة وغيرها من معالم الحضارة في القطر المصري، بأحجارها الرصينة ونقوشها الخالدة، دليلاً على عظمة حضارةٍ أنارت دروب الإنسانية.
ومن بين هذه الرموز، يطلّ التاريخ المصري والألماني معًا ليؤكدا أن الشعوب العريقة وحدها هي التي تصوغ من تاريخها، جسرًا يمتد عبر الزمن، يربط الماضي بالحاضر، ويلهم شعوبها لبناء المستقبل.
الحضور الكريم،
لقد شهدت العلاقات الألمانية – المصرية زخماً استثنائياً خلال العقد الماضي منذ تولى فخامة السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسي، رئاسة جمهورية مصر العربية.
لقد تعدّت الزيارات بين مصر وألمانيا حدود البروتوكولات إلى جسور فعلية للتلاقي الاستراتيجي. فمن جهة، قام السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي بزيارة ألمانيا ست مرات منذ توليه رئاسة الجمهورية، في مسارات متعددة بين القمم الدولية والمناسبات الثنائية.
ومن جهة أخرى، شهدت مصر حضورًا ألمانيا مميزًا، إذ أجرى السيد الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير بزيارة للقاهرة في سبتمبر 2024، وهي أول زيارة لرئيس ألماني لمصر منذ نحو أربعةٍ وعشرين عامًا، ليجدد بذلك التزام ألمانيا بالشراكة مع مصر ويفتح صفحةً جديدةً وضاءةً في العلاقات الثنائية.
واليوم، ووسط عالم يموج بالتحديات، من تغير المناخ إلى الأزمات الاقتصادية والإنسانية المتلاحقة، يصبح التعاون أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، وهنا تأتي تجربة الوحدة الألمانية كي تعطينا مثالاً على أن تجاوز الصعوبات ممكن، إذا كان هناك إيمان بالمستقبل واستعداد للعمل المشترك.
السادة الحضور،
الأصدقاء الأعزاء،
تعتز مصر كثيراً بشراكتها مع ألمانيا في كافة المجالات، سواء في قطاعات الطاقة المتجددة أو التعليم أو البحث العلمي أو الفنون. هذه الشراكات ليست مجرد مشروعات، لكنها استثمار في المستقبل، وللأجيال القادمة، من أجل عالم أكثر عدلاً واستقراراً.
في هذا اليوم، يوم الوحدة الألمانية، نحتفل جميعاً بقيم إنسانية كبرى تجمعنا جميعاً. ومن هنا، فإن احتفالنا بهذه المناسبة هو احتفال بالقدرة الإنسانية على التغيير، وعلى تجاوز التحديات، وعلى بناء عالم أفضل.
وفي الختام، أود أن أعبّر عن خالص تهنئتي للشعب الألماني الصديق بهذه المناسبة العزيزة، وعن تقديري الكبير للعلاقات التي تجمع بلدينا، وللجهود التي تبذلها السفارة الألمانية، والأصدقاء الألمان في مصر، لتعزيز هذه العلاقات وتوسيع جسور التفاهم بيننا. كما أشكر كل من ساهم في تنظيم هذا الاحتفال الذي يعكس بالفعل روح التعاون والصداقة.
كل عام وألمانيا بخير، وكل عام وأواصر الصداقة بين بلدينا أقوى وأعمق وأكثر ازدهاراً.
وشكراً لكم.
وتحتفل دولة ألمانيا في الثالث من أكتوبر في كل عام باليوم الوطني لتوحيدها، حيث أعلنت جمهورية ألمانيا الديمقراطية “ألمانيا الشرقية”، الانضمام إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية “ألمانيا الغربية”، ويعد هذا اليوم هو الوطني للبلاد، حيث بدأت فكرة توحيد ألمانيا بعد أول انتخابات حرة في ألمانيا الشرقية، والتي جرت في 18 مارس 1990، من خلال مفاوضات بين الطرفين أثمرت معاهدة التوحيد.
وفي 9 نوفمبر من عام 1989، تم الإعلان أن قيود التنقل بين الألمانيتين قد رُفعت، واعتمد محور اتفاقية التوحيد على أن تعتمد ألمانيا الشرقية على القانون الأساسي المعتمد في ألمانيا الغربية، وأن تتوحد كل المناطق الألمانية تحت حكومة واحدة، وأن تكون برلين عاصمة ألمانيا الموحدة.
وفي الثالث من أكتوبر عام 1990، تم الإعلان عن الوحدة بشكل كامل بين البلدين، والذي اعتبر تاريخ الإعلان الرسمي عن ألمانيا الموحدة، وبعد هذا التاريخ اجتمع البرلمان الموحد في مبنى البوندستاج، وضم 663 نائبا من برلمان ألمانيا الغربية والشرقية.